أدركت أخيراً يا أمي أنكِ كُنتي فِنجَاني
كَم رَشِفت منه لُأزيد طاقتي.. وكُنتي المَخرَج من أحزاني
كَم كُنتُ فَقيراً يا أمي لجَهلي إني بِدونِك وَحيداً.. قد كُنتي الموقِد والمرفأ.. قد كُنتي سائِر حِيطاني..قد كُنتي الحامي وجناحي..أصبَحت بِدونِك لا مَرسى لا دِفئ غَريب الأوطانِ... رحلتي وذَبلُت معكي زُهوري وسائر بُستاني... لم أعرف بَعدك مِن أين ائتي برَحيقً يُثمر طَمئنتي و رَحيق أمانٍ وحنانِ
انسان!
لم اعُد انسان
بَعدِك أدرَكت أخيراً معني وحروف الندمانْ.. نَدَمي علي ما مَر من عُمرُ ونِسيان.. ليس نَدمي علي الشيب والدُنيا.. ولَكن علي تِلك الجُدرانْ.. فِعل ما وَجَب ألا أفعلهُ وعلي ترك ما وَجَب التَمسُكُ بِه.. نَدمي ويأس رِجوعي ورِجوعك أصبَح عِندي حِملان.
أدرَكت كَم كُنتي وَحِيده رغم وجودي بِجوارِك. فالأن وأصبَحتي بَعيده أتمني أن أسكُن دَارِك... أصبَحت وحيد بالصُحبه.. اصبَحت وحيد بالأهل.. والشخص القادر علي هذا التَبديد لم يَعُد موجودْ.. قد أتمني يَومآ لأعودْ
أعود طِفلاً من بَين يَدَيكي لا يَعرف هذا النمرودْ
اتمردُ علي شَخصي وصِفاتي.. لم اعلَمُ نَفسْي و حَياتي.. ولم أُنهي حَتى كِتَابَاتي... قد مَر العُمرُ بقسوتهُ وابصَرتُ اخيرآ نِهاياتي.. فأنا ائوي بين دَمي وَحشاً وُلِدَ مِن جَميع مُعاناتي... لن يَموت إلا عِندَما يُنهي كل ما يُحيني.. قد طَغى على الماضي والحاضر ويُحدِق في الوَقت الآتي..ودوائي صَعيبًُ يا أمي.. هَذا و إن كان دواءِ.. لا يُرفِق ضَعفي وعَنائي .. يتحدي جَسدي هو الأخر.. يُريد إنهائي قَبل شِفائي
أفكار الماضي تُسلِيني.. أندم.. أجل اندم يا أمي علي كل شئ فَلمْ اترُك من يَذكُرني ويَرثيني...
أصبحت وَحيداً في حَياتي.. و وَحيداً مِن بَعد مَماتي
نَدِمت نَدمآ يا أمي... بدموعي.. وقلبي.. وشَقائي
أعلم أن هَذا هو قَدري وأنه مُدَون بِكِتابي ولَكني نَدِمت يا أمي و نَدَمي ليس علي شَبابي.. قد عِشت عُمرآ مملوئآ بطِيشان و ثيران عُمري الشابي... لذا نَدَمي الوَحيد علي الوِحده وسأموت وحيداً علي بابي.
أتمنى مِنكي تَضُميني بِكَفِك من كان الدافي.. أبوابي جَميعاً موصدهً إلا بَاب القادر الشافي
إدعو لي يا أمي.. لن أجدَ.. من يَدعو لتَخفيف حِمل أكتافي
إدعو لي يا أمي كثيراً.. بِقدر الوِحده وألامي.. إدعو لي أن أجد من يَأتي لقَبري لذِكري أو حَتي سَلامي.. إدعو لي.. الناس تَنسى ولن يَذكرو حتي كَلامي..
الدُنيا بَلاءً يا أمي.. لم يَعَلمهُ إلا من شارف علي النِهايه.. يَدرِكه ويَعلم يا أمي كيف يَندم ولكن ليس هنالك من جديد بِدايه
بقلم : كريم الصواف
تعليقات
إرسال تعليق